مخرج مسرحي!

ماهي أهمية وجود محللين سياسيين وإقتصاديين في الشرق الأوسط.. بإعتقادي نحن اليوم بأمّس الحاجة إلى مخرج مسرحي.
يأتي ذلك بآخر فصول المسرحية العبثية الممتدة بين إيران وإسرائيل والولايات المتحدة، خرج علينا دونالد ترامب، الرئيس الأمريكي وصاحب الباع الطويل في إطلاق التصريحات المثيرة، بتصريح لا يخلو من السخرية المرّة. عبّر عن استيائه من "خروقات" إسرائيل للاتفاق مع إيران، وكأنّ ما بينهما عهد مقدّس يُحترم، لا مجرد ستار دخاني لإخراج مشهد آخر من مشاهد "المسرحية الرديئة".
ترامب، الذي لطالما قدّم نفسه كمخرج سياسي استعراضي، لم يكن راضيًا عن تصرفات تل أبيب. قالها بوضوح: "أنا لست سعيدًا بما تفعله إسرائيل." ولكنه، وفي نفس التصريح، أنهى المشهد بتحية لإيران على إشعارها المبكر الذي "مكّننا من تفادي الضحايا"، وبدعوة إلى السلام، وكأنه يُسدل الستار على فصل دموي بابتسامة دبلوماسية.
مسرح بلا ذوق... وجمهور بلا خيارات
المشكلة ليست في المسرحية نفسها، بل في رداءتها، وفي تكرارها إلى درجة الملل. منذ اغتيال قاسم سليماني، ونحن نعيش فصولًا من مشاهد عبثية لا تنتهي. حينها، وعدت إيران بـ"رد قاسٍ"، فجاء الرد في العراق، حيث لم يُصَب أحد، بينما كانت القوات الأمريكية محتمية في الملاجئ، وكأنّ الطرفين اتفقا مسبقًا على توقيت الضربة ومكانها وعدد كاميرات التوثيق!
ثم جاءت الضربات الأمريكية على منشآت نووية إيرانية، فردّت طهران بضربات "رمزية" على قاعدة العديد في قطر. النتيجة؟ لا خسائر في الأرواح، ولا تغيير في المعادلة. بل صرّح ترامب بشيء أقرب إلى الشكر العلني:
"أشكر إيران على إعطائنا إشعارًا مبكرًا، لقد مكننا من تجنب الضحايا. حان وقت السلام!"
هل هذا مشهد ختامي؟ أم مجرد فصل انتقالي إلى المزيد من "التمثيل السياسي"؟
تخيلوا معي المشهد المسرحي التالي: عباس عراقجي، وزير الخارجية الإيراني، يضع عينه في عين وزير الخارجية الأمريكي الجديد. بأي تعبير سيبدأ؟ هل يقول له "سامحونا على التنسيق غير الكامل"؟ أم "ما وقع كان سوء فهم مسرحي؟"
والسؤال الأهم: بأي حق تُضرب قطر؟ هل هذا حُسن الجوار؟ هل هذه علاقات تحالف؟ أم أن المسرح أصبح ضيقًا على الممثلين فبدأوا يضربون بعضهم من دون نص؟
السياسيون والمحللون... وكل من يصنع الديكور
ما يجري اليوم في غزة وسوريا وقطر لا يُعبّر عن إدارة سياسية راشدة، بل عن تدنٍّ في مستوى السياسة والإعلام. المحللون في الفضائيات، وكأنهم كومبارس ينتظر دوره في الكذب العلني، يبررون كل ضربة، ويمنحون كل تصريح قيمة أخلاقية لا يملكها.
وفي النهاية، نغضّ الطرف عن هذه المسرحيات. لا لأننا نؤمن بها، بل لأننا لا نملك القدرة على إخراج بديل. لا نُحسن كتابة النص، ولا إخراج المشهد، ولا إدارة الجمهور.
نحن فقط نكتفي بالمشاهدة، بانتظار أن يخطئ أحد الممثلين على المسرح... فنضحك بدلاً أن نبكي.

مقالات الكاتب

اليمن - بلد الترندات

اليمن، البلد الذي يتصدر الترندات بين الحين والآخر، ليس فقط بسبب الأحداث السياسية والصراعات، بل أيضاً...