((خطوات خارج قفص التجهيل))(السابعة والستون)
حرب الأخ وأخيه تنتهي عادة بموت الوطن، لذلك على أبناء اليمن أن يواجهوا واقعهم ويقبلوا بالتعايش فيما ب...
حرب الأخ وأخيه تنتهي عادة بموت الوطن، لذلك على أبناء اليمن أن يواجهوا واقعهم ويقبلوا بالتعايش فيما بينهم، ويضعوا أساسًا لهذا التعايش بحيث لا يطغى طرف على آخر، وبحيث يأخذ كل طرف حقه في الحضور والمشاركة وفقًا لمعايير التعايش التي تمضي عليها بقية الأمم حولنا!!
(2)
حرب العشر سنوات والمستمرة حتى اللحظة كافية للاعتراف بحقيقة أن الحرب قد فشلت في تحقيق الأمن والاستقرار لأبناء اليمن، بل إنها زادت الوطن تمزقًا وشرعنت للانقلاب الحوثي بانقلابات لجماعات أخرى في عدن، وأمطرتنا بالعصابات المسلحة والمليشيات الخادمة لمشاريع ليس لليمن فيها ناقة ولا بعير!!
(3)
الحالة اليمنية بسوداويتها اليوم تمثل دليلاً لا يقبل الشك، وشاهدًا على فشل أطراف الرباعية في هذا البلد، الأمر الذي يتطلب ضرورة رفع أيديهم عن اليمن واحترام سيادته، والإقرار بالفشل والتسليم بأنه لا حل في اليمن إلا بوقف الحرب والعودة إلى حوار وطني يمني يقوم على أساس الولاء للوطن أولاً وأخيرًا!!
(4)
في الجنوب، تضررت القضية الجنوبية كثيرًا بعد العام 2017م، حين تم السطو على انتصارها الذي صنعته قوى الحراك الجنوبي السلمي، وعززته بانتصار العام 2015م، وفقدت القضية الكثير من أسلحتها وأهمها الإجماع الجنوبي، وتشوهت مشروعيتها حين حولتها بعض الأطراف إلى حمار يحمل أسفارها. وتأكد بما لا يدع مجالاً للشك أنه لا انتصار للقضية إلا باستقلالية القرار الوطني، والقبول بمبدأ التوافق الجنوبي!!
(5)
أثبتت معطيات الواقع أن الحلول التي تنتجها بعض الأطراف الإقليمية وتقوم بتسريبها من خلال زوايا الظلام في الغرف المغلقة لبعض المكونات الجنوبية المرتهنة للخارج لن تفضي إلا إلى المزيد من العقبات المؤدية إلى استمرار الصراعات التي لن تقف عند حدود هذا الجنوب، ولنا في التاريخ القريب عبرة!!
(6)
من يتمعن في التاريخ الجنوبي السياسي القريب يجد أن محطات الصراع فيه تكاد تكون متشابهة في دوافعها وأسبابها وأدوات إدارتها، حتى إفرازاتها ونتائجها تتشابه. وما الحالة الماثلة أمامنا اليوم، المتجسدة في جماعة الانتقالي، إلا شاهد ومثال حاضر يعبر عن الجانب المظلم لذلك التاريخ ويؤكد تلك الحقيقة!!
(7)
شرع الكفيل في إنتاج جماعاته المسلحة في المنطقة على أساس خدمة أهدافه وأطماعه في المقام الأول، واستند في صنع تلك الجماعات على إفرازات التاريخ التصارعي في كل دولة، وأخرج كل جماعة بما يضمن نجاح المهمة الموكلة لها في خططه ومشاريعه مستخدمًا للسيطرة عليها جزرة السلطة وعصا إفرازات الصراعات التاريخية!!
(8)
لو تجنبنا الخوض في الصور العبثية لتلك الجماعات في السودان وليبيا وسوريا وغيرها، وأخذنا النموذج اليمني ووضعنا نموذج الجنوب والشمال على طاولة المقارنة، فسنجد اختلافًا كبيرًا بين أدوات هذا الكفيل في الشمال والجنوب. فبالرغم من أن المهمة واحدة، وهي خدمة مشاريع الكفيل، إلا أن هناك اختلافًا بين الجماعتين من حيث تركيبتها وطنيًا وعسكريًا، ومن حيث حجم التمكين لها من أدوات الفعل، ومن حيث مساحة امتلاك استقلالية القرار!!
(9)
حرص الكفيل على زرع بذور نهاية كل جماعة من داخلها من خلال التكوين والنهج والتوليفة المتضادة داخل هذه الجماعات، ومن خلال تعدد الرؤوس في إطار كل جماعة، ونزع القرار من يدها، وإغداق الأموال عليها، والتغاضي عن فسادها، الأمر الذي أفضى إلى إحاطة تلك الجماعات بمحيط متصارع معها ورافض لها ولتبعيتها المطلقة للكفيل!!
(10)
كان من نصيب اليمن جماعتان هما جماعة الانتقالي في عدن وجماعة حراس الجمهورية في المخاء ، فبالرغم من تماثل الجماعتين في واحدية الراعي والممول وطبيعة المهمة، إلا أن الكفيل حرص على أن يميز بين الجماعتين، وهو تمييز فرضته طبيعة مشاريع وأطماع الوكيل الحصري واختلافها في كل شطر من شطري الوطن!
عبدالكريم سالم السعدي
20 سبتمبر 2025م
https://www.facebook.com/share/p/1GpjXFCWLf/