كتب عدنان الحبشي:الميديوقراطية

كريتر سكاي: خاص

 

إذا سادت الرداءة وانتشرت البلاهة وتفشت السفاهة واستشرت البلادة وسيطرت التفاهة على العقول في آن واحد فإننا نستطيع ان نختصر كل ذلك في مصطلح واحد وهو الميديوقراطية ، وهذا هو للأسف واقع الحال في مجتمعنا اليمني ، حيث أصبح الشارع تحركة العاطفة من جهة ويحركه وكلاء الحرب وبرجوازيي الدماء من جهة أخرى ، يقدح الكل في حق الكل مما جعل الناظر للحال من بعيد يرى أن ليس هناك شريف واحد في الوطن  ولا هنالك رجال في الساحة .، 
لو عدنا لأقرب الأحداث التي مرت بنا خلال اليومين الماضيين في محافظة تعز فلا تكاد تعرف من ضد من ولا من يؤيد من ، وفي حقيقة الأمر أن الضحية هو الشارع ثم القتيل ومن ثم القاتل ، جميعهم ضحايا بينما القاتل الحقيقي والعدو الحقيقي هم القادة في راس الهرم الذين أودوا بالبلاد الى مثل هكذا حال . ، 
فالجوع الذي فتك بالجندي قبل المواطن هو ما جعل الإنسان يتحول الى وحش يبحث عن أي فريسة يشبع فيها غريزته التي فطره الله عليها ، فالإنسان يصبح لا فرق بينه وبن الحيوان في غرائزه عندنا تتركه الدولة محاصرا بين فكي الفقر والغلاء والحصار والفوضى ، فيحتاج للجنس لكي يتكاثر ويحتاج للأكل لكي يعيش .، 
ماذا لو قامت الدولة بمهمتها فساوت بين افراد الجيش في مرتباتهم وحقوقهم ، ؟ ففي تعز يقبض الجندي 150 ريال  سعودي وهو واقف على تلال المدينة يحرسها في الحر والبرد والظلام ، بينما في المحافظات الأخرى يقبض 1500 ريال سعودي وهي قليلة أيضا لكن لا باس بها وبهم إن ساووا بين الأبطال ، هل ممكن أن يخرج الشارع يوما ويحتشدوا مطالبين بإنصاف هولاء الجنود الذي يحموهم ليناموا بسلام ويعيشوا بسلام ؟ 
إن الجنود اللذين هم اليوم تحت قبضة السلطة في السجون والذين قتلتهم بسبب حاجتهم التي دفعتهم للتمرد وجوعهم الذي حرك فيهم غريزة البطش هم من اشجع الرجال الذين كان يفترض ان تجعل منهم الدولة قادة للجيوش عن طريق الأخذ بايديهم والاهتمام بهم وتعليمهم وجعلهم في المقدمة لحماية الوطن ، فنحن في عصر القوة فالأوطان بحاجة الى الشجعان وليس إلى الجبناء في هذا الزمن الكبريتي . 
إنني أتفهم وضع الأغلبية الذين سيترجمون مقالي هذا وفق مفهومهم وعواطفهم والآخرين الذين سيتلفظون علينا بألفاظ لا تليق وفق مستواهم ، وهذا دليل على عنوان مقالي هذا حيث نحن في حالة من ( الميديوقراطية) . 
وفي الأخير نحن بحاجة الى الوعي لندرك الحقائق من جذورها لا من أطرافها ونراها من باطنها لا من ظاهرها ، وهذا لن يتحقق إلا بالدفع بالمثقفين والمتعلمين للواجهة لا بالسفهاء والمنظرين . 
وأن نعيد للمدرس هيبته وللمدرسة قُدسيتها ، ونترك الخبز للخباز .