التواضع سلطان.. والغرور هذيان

كريتر سكاي/خاص:

كتب/منير طلال

في بلادنا العربية لا يبدأ الاتصال الهاتفي بالبسملة أو التحية، بل يبدأ باستعراض عسكري للألقاب:
"معك الأستاذ الدكتور البروفيسور المستشار فلان ابن فلان، الحائز على أعلى الشهادات، ومُكرَّم من ثلاث جمعيات لا أحد يعرفها".

ولو أن الرجل قال ببساطة: "معك فلان ابن فلان" لكان أكرم له وأجمل لنا. لكن ماذا نفعل؟ لقد تحولت الألقاب عندنا إلى أوكسجين اجتماعي؛ من دونها يختنق البعض حتى يُصابوا بالهذيان.

على الجانب الآخر، في الغرب، قد يتصل بك باحث عالمي أو عالم فيزياء حائز على نوبل، ويكتفي بكلمة: "أنا جون". تتعامل معه وكأنك الأستاذ وهو الطالب، حتى تكتشف لاحقًا أنه يملك سيرة علمية تُشعرك أنك ما زلت في الحضانة الفكرية. هنا يكمن الفرق: المتواضع هناك عملاق، والمتفاخر هنا قزم متضخم.

*أذكر اتصالًا من الرئيس علي ناصر محمد، ولم يكن رقمه محفوظًا عندي. سألته: "من معي؟" فأجاب بكل هدوء: "علي ناصر". لا "رئيس"، ولا "قائد"، ولا "سيادة". لحظتها فهمت الدرس: الكبار حقًا لا يحتاجون إلى بوقٍ يعرّف بهم.*

التواضع سلطان غير مرئي، يفتح القلوب ويأسر العقول بلا قوة. 
أما الغرور، فمجرد بالون هواء، لا ينفخ صاحبه إلا ليفضح هشاشته.

سلام على المتواضعين الذين يُشعِرونك أنك عظيم بجوارهم.
ولعنة على المغرورين الذين يُقزِّمونك حتى تدرك في النهاية أنهم مجرد دمى منتفخة باللقب لا أكثر.