الجعدي " اي القفز على القضية الجنوبية سيكون قفزاً بالبلد الى هذا الأمر المهدد للمنطقة والعالم"
قال القيادي السابق في المجلس الانتقالي الجنوبي الاستاذ فضل الجعدي إن أي قفز على القضية الجنوبي...
أثار منشور مؤثر للنازح رمزي العبسي، وهو معلم من تعز، حالة من القلق والتضامن الواسع في اليمن، بعد إعلانه نيته إحراق كشكه الصغير في شارع هائل بصنعاء يوم الجمعة (25 يوليو 2025). يأتي هذا التهديد الخطير احتجاجًا على قرارات متتالية بإزالة البسطات والأكشاك من شوارع العاصمة، مما يهدد بقطع مصدر رزق آلاف الأسر في ظل الانهيار الاقتصادي.
العبسي، الذي أمضى 34 عامًا في مهنة التعليم، كشف في منشوره المطول على فيسبوك أنه لم يعد يستلم سوى "فتات الراتب"، الذي لا يتجاوز 36 دولارًا شهريًا بسبب انهيار العملة في مناطق الحكومة الشرعية. هذا الوضع المتردي دفعه، كغيره من آلاف الموظفين، للبحث عن مصادر دخل بديلة للحفاظ على كرامة أسرته.
بعد نزوحه من تعز إلى صنعاء بسبب الحرب، أسس العبسي قبل عامين مشروعًا صغيرًا في شارع هائل، عبارة عن كشك لبيع العطور وإصلاح الساعات، محاولة منه لتحسين ظروفه المعيشية الصعبة. وأكد أن هذا المشروع كان وسيلته الوحيدة للنجاة من الفقر المدقع.
وفقًا لرواية العبسي، بدأت معاناته مع "مضايقات متواصلة" من قبل جماعة الحوثي، عبر قرارات صادرة من أمانة العاصمة بصنعاء، تقضي برفع البسطات والأكشاك من الشوارع الرئيسية. تبرر هذه القرارات بـ "تحسين المظهر الحضري للمدينة"، لكنها تأتي دون تقديم أي بدائل أو تعويضات لأصحابها، ومعظمهم من النازحين والفقراء الذين يعتمدون على هذه المهن اليومية لإعالة أسرهم.
وأوضح العبسي أنه تم نقلهم سابقًا من الشوارع الرئيسية إلى الفرعية، "كأنهم ينقلون المرء من مشنقة إلى مشنقة أخرى". لكن اليوم، وصلت أنباء غير مؤكدة عن قرار جديد يهدف إلى إزالة البسطات حتى من الشوارع الفرعية، مما يعني إغلاق "آخر منفذ للرزق أمامهم".
بلهجة حزينة وغاضبة، صرح العبسي: "إذا تأكد خبر إزالة البسطات من الشوارع الفرعية، ولم يتم التراجع عن هذه القرارات المجحفة، فإن قراري هو إحراق كشكي في وسط الشارع، أمام أعين الجميع". مبررًا موقفه بقوله: "إذا تساوى الموت مع الحياة، فلا قيمة للحياة".
وأكد العبسي أن هذه الخطوة ليست انتحارًا، بل رسالة احتجاج صارخة ضد تجاهل معاناة الفقراء. ودعا جميع المهتمين بالشأن العام من صحفيين وناشطين وحقوقيين ومواطنين، إلى الحضور يوم الجمعة 25 يوليو 2025، عصرًا، في شارع هائل، لتوثيق ما قد يحدث.
الهدف من هذا التهديد، بحسب العبسي، هو إلغاء قرار إزالة البسطات ودفع الجهات المعنية إلى التفكير ببدائل إنسانية وإغاثية لا تُقصي الفقراء من مساحات الرزق. وشدد على أن المطالبة ليست بالسماح بالفوضى، بل بالعدالة والحق في حياة كريمة، مؤكدًا: "نحن لا نطلب سوى أن نعيش، أن نطعم أبناءنا، أن نُحافظ على كرامتنا. هل هذا كثير على إنسان في بلاده؟".
سرعان ما انتشر منشور العبسي على نطاق واسع، وشهد موجة تضامن كبيرة من ناشطين وصحفيين ونازحين وموظفي الدولة، الذين أعادوا التذكير بمعاناة عشرات الآلاف من اليمنيين الذين يعيشون على حافة الجوع ويعتمدون على مهن يومية متواضعة، في ظل غياب أي دعم حكومي حقيقي وتوقف الرواتب منذ سنوات.
مراقبون أكدوا أن ما يحدث في صنعاء من إزالة للبسطات يتكرر في مدن أخرى دون وجود رؤية اقتصادية بديلة، مما يفاقم الأزمة الإنسانية ويحول مواجهات الفقراء مع السلطات إلى مواجهات وجودية.
دعت جهات حقوقية إلى تدخل عاجل لمنع تدهور الموقف، وطالبت أمانة العاصمة والسلطات في صنعاء بإعادة النظر في قرارات الإزالة، ووضع خطة شاملة تراعي ظروف النازحين والفقراء، وتخصص لهم مناطق آمنة لمزاولة أعمالهم بدلًا من إزالتهم قسرًا.
في الوقت الذي لم يصدر فيه أي تعليق رسمي من أمانة العاصمة أو الجهات الأمنية في صنعاء، يبقى مصير الكشك، وحياة رمزي العبسي، رهنًا بقرار قد يُتخذ في اللحظات الأخيرة. تترقب عيون اليمنيين شارع هائل، في انتظار ما قد يحدث يوم الجمعة، بين نداء للكرامة وتهديد بالاحتراق.