عاجل:بيان امني هام بشان افتهان المشهري

كريتر سكاي/خاص:

تؤكد الحملة الأمنية المشتركة، وهي تودع اليوم الشهيدة افتهان المشهري وتشيّع جثمانها الطاهر إلى مثواها الأخير، أن اغتيالها لم يكن مجرد اعتداء آثم على روحها، بل كان محاولة بائسة لاغتيال روح تعز، واستهدافاً مباشراً لكرامتها وحقها في الحياة الحرة الكريمة. غير أن هذا الجُرم البشع، الذي أراد أن يطعن المدينة في صميمها، فجّر في المقابل يقظة شعبية جسدت أسمى معاني التضامن المقاوم، وأكدت أن تعز، بوعي أبنائها، لا تُكسر ولا تُخذل.

إن هذه الهبّة الشعبية التي شهدناها طوال الأيام الماضية، ما هي إلا امتداد حي لروح السادس والعشرين من سبتمبر، وجوهر الجمهورية التي لا تموت. ونحن إذ نحيي هذا الحس المجتمعي المتأهب، نؤكد أن هذه الروح تعكس تعافي المدينة وقدرتها على استعادة صوتها في الدفاع عن أمنها واستقرارها، وترسيخ الحالة المقاومة التي لم تفارقها منذ اللحظة الأولى للانقلاب الحوثي وحصاره للمدينة .

لقد عملت الحملة الأمنية المشتركة، منذ اللحظة الأولى، بتنسيق كامل ومتكامل مع وزارتي الداخلية والدفاع، وبإشراف مباشر من رئيس مجلس القيادة الرئاسي فخامة الدكتور رشاد العليمي، لإدارة هذه المواجهة وفق ما تقتضيه المصلحة الوطنية العليا، وبوعي عميق بحساسية الموقف ودقته.

ومن موقعنا في الميدان، كنّا حاضرين منذ البداية، نؤدي واجبنا في تعزيز الأمن، مستندين إلى رصيد من الإنجازات السابقة التي تحققت بجهود كبيرة وتضحيات جسيمة. وقد عملنا بصمت، وفق التدابير القانونية، وبروح منسجمة بين وحدات الجيش والأمن، مدركين حجم التعقيدات التي فرضتها الحرب والواقع المأزوم، دون أن نتراجع يوماً عن دورنا في حماية المدينة. وما تحقق في هذه الحادثة شاهد جديد على الجاهزية العالية والقدرة الفاعلة على الوصول، بما يعكس كفاءة مؤسساتنا الأمنية والعسكرية.

نُدرك أننا لسنا في وضع مثالي، فتعز ما تزال مسرحاً لعمليات عسكرية مفتوحة، ومدينة محاصرة تقف يومياً في مرمى النيران. ومع ذلك، يواصل الجيش والأمن ومنظوماتنا الأمنية أداء الواجب بموارد شحيحة تكاد تكون منعدمة، لكن بإصرار وعزيمة صلبة، هي ذاتها التي أسقطت رهان العدو الحوثي وكسرت مشروعه الكهنوتي.

نجدد التأكيد أننا مستمرون في مواجهة العدو الحوثي، كما نحن مستمرون في معالجة الاختلالات التي نشأت في ظرف الحرب. ونحن نُقر بشجاعة أننا نعمل وسط تحديات جسام، غير أن تعز، بتضافر أبنائها ويقظة مجتمعها، تُسقط يوماً بعد آخر كل محاولات النيل من أمنها واستقرارها ووحدتها.

لقد أظهر أهل تعز في هذه المحنة غضباً واعياً واتجاهاً صائباً، ونحن أبناء هذه المدينة وجرحها ووجعها، ومؤسستها الأمنية والعسكرية، نقف بشرف في طليعة المشهد المقاوم. وسنظل نؤمن أن تعز لا تخون روحها ولا تخذل تاريخها، وأن غضبها سيبقى حصنها المنيع، وصرامتها هي ما يُفشل كل مؤامرة ويُحبط كل محاولة لزعزعة صمودها.

إن مهمتنا الأمنية لم تكن يوماً قائمة على القمع أو تقييد الحريات؛ فلم تُسجل أي حالة انتهاك أو استهداف للنسيج الاجتماعي. بل حرصنا دوماً على حماية حق الناس في التعبير والاحتجاج السلمي، كما حدث في إضراب صندوق النظافة، والاعتصامات في شارع جمال، والتظاهرات في مختلف الشوارع. إن هذا التكامل بين الدور الشعبي والأمني والعسكري هو ما يصنع التغيير الحقيقي ويستجيب لدواعي المعركة الوطنية.

ولعل إحدى دلائل عظمة الشهيدة افتهان، أنها لم ترحل وحدها، بل تركت خلفها روحاً متقدة استنهضت الجميع، وألقت بالمسؤولية على كاهل كل فرد في هذه المدينة، لتصحيح الاختلالات ومعالجة الإشكالات، والمضي قدماً في خدمة صمود تعز واستمرارها في جبهات الكرامة.

وفي الختام، نُذكّر بجملة الإنجازات التي حققتها الحملة الأمنية المشتركة منذ حادثة الاغتيال وحتى يومنا هذا؛ حيث تم القضاء على المتهم الرئيسي في الجريمة أثناء مقاومته للحملة الأمنية، وضبط (6) من المتهمين المباشرين في الجريمة، و(7) من المشتبه بهم، بالإضافة إلى ضبط (22) مطلوباً أمنياً في قضايا جنائية أخرى، ليصل إجمالي المضبوطين إلى (34) شخصاً.

رحم الله الشهيدة افتهان المشهري، ونحن نُواري اليوم جثمانها الطاهر إلى مثواها الأخير في مسقط رأسها.
عاشت تعز صامدةً عصيةً على الكسر، منيعةً بإرادة أبنائها، قويةً بجيشها وأمنها، ووفيةً لتضحيات شهدائها.

صادر عن الحملة الأمنية المشتركة
تعز – الثلاثاء 30 سبتمبر 2025م