‏قراءةسريعة في رسالة وزير الدفاع السعودي سمو الامير خالد بن سلمان


تُظهر رسالة وزير الدفاع السعودي إلى “أهلنا في اليمن” خطابًا سياسيًا محسوبًا، أقرب إلى إعادة ضبط البوصلة منه إلى التعبير عن خيبة أمل أو صدمة،في شركاء المعركة. فاللغة المستخدمة، رغم ما تحمله من حزم، تظل منضبطة ضمن إطار الدولة الراعية للتسوية، لا الدولة المنفعلة أو المتراجعة عن التزاماتها.
من الناحية الموضوعية، لا تعكس الرسالة انكسارًا في الموقف السعودي، بل تؤكد ثبات المرجعيات الأساسية: دعم الشرعية، الاعتراف بالقضية الجنوبية كقضية سياسية عادلة، والتمسك بالحل التوافقي بوصفه المسار الوحيد القابل للاستدامة. الإشارة إلى التضحيات، والدعم الاقتصادي، واتفاق الرياض، ليست استدعاءً عاطفيًا، بل تذكيرًا بسياق سياسي وقانوني لا تزال المملكة تعتبره الإطار الناظم لأي حل.
أما ما قد يُفهم على أنه نبرة عتاب أو صدمة، فهو في جوهره تحذير استراتيجي من مخاطر الانزلاق إلى صراعات جانبية تُضعف الجبهة الأوسع في مواجهة الخصوم الحقيقيين، وتُفرغ القضية الجنوبية من مضمونها السياسي لصالح منطق القوة. وهذا النوع من الخطاب يُعد سمة مألوفة في رسائل الدول الوسيطة حين تشعر بأن مسار التسوية مهدد، لا حين تفقد ثقتها أو تنسحب من دورها.
كذلك، فإن الدعوة الصريحة للمجلس الانتقالي الجنوبي للاستجابة للوساطة السعودية الإماراتية لا تُقرأ بوصفها ضغطًا أحاديًا، بل كجزء من منطق إدارة الأزمة، حيث تسعى الدولة الراعية إلى منع تحوّل الخلافات السياسية إلى مواجهات مفتوحة، خصوصًا في مناطق ظلت بعيدة نسبيًا عن الصراع.
خلاصة القول، إن الرسالة لا تنطلق من موقع الصدمة، بل من موقع المسؤولية السياسية التي ترى أن ما تحقق خلال سنوات من التضحيات مهدد بالتآكل، وأن الحفاظ عليه يتطلب تغليب العقل، لا إعادة إنتاج الصراع. إنها رسالة تحذير هادئ، وتأكيد على أن السعودية لا تزال ترى في التوافق اليمني—بما فيه القضية الجنوبية—مدخلًا للاستقرار، لا ورقة للمغامرة.
                عصام شريم 
              27/12/2025

مقالات الكاتب