العليمي في قمة الدوحة.. رسم الأمن العربي ومعركة البقاء
لقد شكّل خطاب الرئيس الدكتور رشاد محمد العليمي - رئيس مجلس القيادة الرئاسي في القمة العربية - الإسلا...
شكّلت مشاركة فخامة الرئيس الدكتور رشاد محمد العليمي، رئيس مجلس القيادة الرئاسي، في الدورة الثمانين للجمعية العامة للأمم المتحدة محطة بارزة في مسار الدبلوماسية اليمنية الحديثة، فقد تجاوزت المشاركة إطار الحضور الرسمي للجلسات العامة، لتشمل لقاءات ثنائية مؤثرة مع قادة دوليين من سوريا ولاتفيا واليونان، حملت رسائل استراتيجية أعادت طرح القضية اليمنية أمام المجتمع الدولي بآفاق أوسع وأكثر عمقًا، بما يرسّخ موقع الشرعية ويعزز مناصرتها إقليميًا ودوليًا.
الحضور والدلالات
أظهرت مخرجات القمة الأممية، بما تضمنته من لقاءات وخطابات، أن الرئيس العليمي أعاد صياغة جوهر الأزمة اليمنية بوصفها تهديدًا مباشرًا للأمن والسلم الدوليين، وليست مجرد نزاع داخلي، وأكد في خطابه على شرعية مجلس القيادة الرئاسي باعتباره الممثل الوحيد للدولة اليمنية، في مواجهة سلطة الأمر الواقع الحوثية غير المعترف بها. كما استند إلى الأبعاد الإنسانية والأمنية المرتبطة بالملاحة الدولية، والإرهاب، وتهريب السلاح الإيراني، لتوسيع دائرة الدعم الدولي.
الدبلوماسية الانتقائية
جاءت اللقاءات الثنائية مدروسة بعناية لتعكس سياسة يمنية دقيقة في بناء التحالفات. فمع سوريا، حملت الخطوة رسالة انفتاح على العمق العربي ورفضًا لمشاريع التفتيت المرتبطة بإيران، ومع لاتفيا، جرى توظيف موقعها المرتقب في مجلس الأمن لتعزيز الحضور اليمني في القرارات الأممية وربط الملف اليمني بقضايا كبرى مثل حقوق الإنسان وأمن الملاحة، أما مع اليونان، فقد ركّز اللقاء على دورها المحوري في أمن البحر المتوسط والبحر الأحمر، وفي لجنة العقوبات، للتأكيد على البعد العالمي لمسؤولية حماية الممرات البحرية.
من المحلية إلى العالمية
سعى التحرك اليمني في نيويورك إلى تدويل النزاع من خلال إبراز الحوثيين كذراع إيرانية تهدد الأمن الدولي وأمن الطاقة العالمي، وربط الأزمة اليمنية باقتصاديات التجارة والملاحة الدولية، كما دعا إلى موقف دولي موحد لتصنيف الحوثيين جماعة إرهابية، بما يرفع من كلفة مشروعهم ويعزز فرص السلام.
الأطر النظرية
يمكن قراءة هذه الاستراتيجية عبر ثلاثة أبعاد نظرية في العلاقات الدولية: "الواقعية" ببناء تحالفات سياسية وأمنية لموازنة النفوذ الإيراني - "المؤسسية" بالاعتماد على الشرعية الدولية والمؤسسات متعددة الأطراف لردع الحوثيين - "البنائية" عبر إعادة تشكيل صورة الشرعية كقوة مسؤولة تسعى للسلام، في مقابل توصيف الحوثيين كجماعة إرهابية خارجة عن القانون الدولي.
النتائج والدلالات
عززت المشاركة الاعتراف الدولي بمجلس القيادة الرئاسي كممثل وحيد للدولة اليمنية، ووسّعت شبكة الدعم الدبلوماسي داخل مجلس الأمن وخارجه، كما كرّست القضية اليمنية كملف أمني عالمي يستدعي تدخلًا جماعيًا.. وبذلك، أكدت المقاربة اليمنية الجديدة سعيها لإعادة التموضع في النظام الدولي من خلال الجمع بين الدبلوماسية متعددة الأطراف والعلاقات الثنائية الانتقائية، بما يرسخ الشرعية، ويرفع كلفة المشروع الحوثي – الإيراني، ويفتح الطريق أمام سلام شامل ومستدام برعاية دولية.