عاجل:سقوط قتلى وجرحى بهجوم على لحج
تصدت القوات المسلحة، مساء اليوم، لمحاولة تسلل فاشلة نفذتها مليشيا الحوثي باتجاه قطاع الضواري في جبهة...
أطلق التحالف اليمني لرصد انتهاكات حقوق الإنسان (تحالف رصد)، خلال ندوة حقوقية افتراضية عُقدت مساء الخميس 20 نوفمبر عبر منصة "زوم"، دراسة جديدة بعنوان "طفولة مستهدفة" تتناول بالتحليل أنماط الانتهاكات الستة الجسيمة ضد الأطفال في سياق النزاع المسلح في اليمن.
وتُعدّ هذه الدراسة إحدى مخرجات مشروع "تعزيز الوعي وضمان حقوق الأطفال أثناء النزاع في اليمن – المرحلة الثانية SAFE II"، الذي ينفذه تحالف رصد بالشراكة مع معهد DT. كما تُعد أحد أهم الإصدارات الحقوقية التي ترصد التداخل والتراكم بين الانتهاكات التي يتعرض لها الأطفال خلال النزاع المسلح.
وبحضور باحثين وقانونيين ومختصين في الدعم النفسي والاجتماعي، تم استعراض الدراسة التي اعتمدت على 57 مقابلة معمّقة أُجريت في خمس محافظات (عدن، تعز، الحديدة، مأرب، وذمار)، و 82 واقعة انتهاك جسيم ضد أطفال وثقها التحالف في 13 محافظة يمنية. وقد قام المحامي والمدافع عن حقوق الإنسان ياسر المليكي بإعداد الدراسة وتحليل بياناتها باستخدام أدوات تحليل متقدمة ترصد أنماط الانتهاكات وتسلسلها.
نتائج صادمة: أطفال اليمن ضحايا انتهاكات مركّبة
أوضحت الدراسة أن الطفل الذي يتعرض لانتهاك واحد غالباً ما يتعرض لانتهاكات أخرى خلال فترة زمنية قصيرة، وهو ما وصفه التحالف بأنه "انتهاك مركّب ومتتابع يضاعف الضرر النفسي والاجتماعي".
وقال المدير التنفيذي لتحالف رصد مطهر البذيجي في مداخلته خلال الندوة إن ما تعرض له الأطفال خلال السنوات العشر الماضية "يؤكد أن أي طرف من أطراف الحرب لم يلتزم بالقانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان، خصوصاً الحوثيين".
وبحسب نتائج الدراسة، فإن التجنيد القسري هو الانتهاك الأكثر انتشاراً بنسبة 29% من آراء المشاركين، يليه القتل والإصابة، والعنف الجنسي، والهجمات على المنشآت التعليمية والصحية، والحرمان من المساعدات، ثم الاعتقال التعسفي. كما يُظهر تحليل البيانات أن التجنيد غالباً ما يترافق مع الهجمات على المدارس والاعتداءات الجنسية، مما يضاعف مخاطر هذه الانتهاكات على الأطفال.
شهادات ميدانية: تجنيد أطفال بالقوة
تضمّنت الدراسة شهادات إنسانية مؤلمة، بينها قصة طفل استدرجته جماعة الحوثي من "مركز صيفي" إلى دورات عسكرية، قبل أن يُنقل لاحقاً إلى جبهات القتال تحت تهديدات مستمرة.
كما أشار باحثون حقوقيون خلال الندوة إلى مشاهداتهم المباشرة لأطفال "يرتدون الزي العسكري ويحملون السلاح"، خصوصاً في المناطق التي تقع تحت سيطرة جماعة الحوثي.
انتهاكات إضافية: العنف الأسري والتضليل الإعلامي
أكدت الدكتورة رانيا خالد، خبيرة الدعم النفسي والاجتماعي، أن الأطفال لا يعانون فقط من آثار الحرب المباشرة، بل أيضاً من العنف الأسري الثانوي الناتج عن الضغوط النفسية التي تعيشها الأسر في ظل النزاع. وقالت إن هذا الواقع "يجعل الطفل ضحية للحرب داخل المجتمع، وضحية للعنف داخل أسرته أيضاً".
كما استعرض فريق تحالف رصد جانباً من التضليل الإعلامي المرتبط بانتهاكات الأطفال، موضحين أنهم رصدوا وفحصوا أكثر من 18 قصة مضللة تروج لها أطراف النزاع، وخصوصاً الحوثيين، وتم تفنيدها باستخدام المصادر المفتوحة وشهادات الضحايا.
ضعف في منظومة الحماية
أبرزت الدراسة تدهور منظومة الحماية الرسمية للأطفال، حيث اعتبر 84% من المشاركين أن تدخل الجهات الحكومية في حالات الانتهاكات ضعيف أو غير موجود.
كما تحدثت الدكتورة رانيا عن قصور كبير في منظومة الدعم النفسي والاجتماعي في اليمن، يشمل غياب مراكز متخصصة لتأهيل الأطفال الضحايا، وضعف وحدات الحماية والربط بين الجهات الرسمية ومنظمات المجتمع المدني، وندرة الكوادر المتخصصة، إضافة إلى التركيز على الاستجابة العاجلة دون برامج مستدامة.
الحاجة إلى آليات مساءلة أقوى
قدّم القاضي والباحث القانوني عمران جازم ورقة قانونية تتناول مسارات المساءلة، أوضح فيها أن الانتهاكات المرتكبة من أفراد الجماعات المسلحة تُحال إلى النيابة والمحكمة الجزائية، بينما الانتهاكات المرتكبة من قبل القوات العسكرية الرسمية تُحال إلى النيابة والمحاكم العسكرية.
وأشار جازم إلى أن الآليات المحلية والدولية الحالية "غير فاعلة بما يكفي" لوقف ما يتعرض له الأطفال من فظائع، مؤكداً الحاجة إلى آليات مبتكرة وأكثر فاعلية لتحقيق الإنصاف.
جهود ميدانية وتوثيق واسع وتوصيات
استعرض تحالف رصد خلال الندوة جهوده خلال العامين الماضيين، والتي شملت تنفيذ أكثر من 40 جلسة دعم نفسي مباشر استفاد منها أكثر من 700 شخص أغلبهم من النازحين والمهمشين. كما أنتج مواداً إعلامية وتوثيقية بُثت عبر وسائل الإعلام، وقدّم أكثر من 15 حالة للآليات الدولية التابعة للأمم المتحدة، ووثّق أكثر من 420 حالة انتهاك، بينها 50 حالة انتهاك مركّب.
وخلصت الندوة إلى التأكيد على ضرورة وقف الحرب فوراً لضمان مستقبل الأطفال، وتفعيل منظومات الحماية الوطنية، ورفع كفاءة الدعم النفسي والاجتماعي، وتعزيز آليات التوثيق والمساءلة، ودعم الأسر والمجتمعات المحلية في مواجهة الانتهاكات.
وفي الختام، دعا المشاركون في الندوة إلى إعادة الاعتبار لملف الطفولة كأولوية وطنية، فيما أكد المدير التنفيذي للتحالف مطهر البذيجي أن "حماية الأطفال يجب أن تكون في قلب أي جهد سياسي أو إنساني أو حقوقي".