سوري يتحدث عن كارثة احتراق الباص في ابين ويكشف هذا الامر الصادم

كريتر سكاي/خاص:

كتب/خالد نظيف

بالنسبة للباص اللي انحرق وهو راجع من السعودية إلى اليمن..
وبحكم إني من مواليد السعودية وأملك إقامة فيها من يوم ولدت، كنت طول فترة وجودي باليمن أرجع للسعودية تقريباً مرتين إلى ثلاث مرات في السنة.

خط الوديعة أعرفه من أول يوم توقف فيه المطار وتحولت الرحلات من حرض إلى الوديعة.. وللأمانة هذا الخط متعب ومرهق جدًا جدًا.

أغلب السائقين، خصوصًا السوريين والأتراك، ما كانوا يحبوا يسوقوا في طرق اليمن. بس نوصل للعبر بعد الخدود اليمنية، يستأجروا سائق يمني يكمل الرحلة لعدن أو صنعاء.
وللأمانة، أغلبهم كانت قيادتهم متهوّرة، ياخدوا المطبات بسرعات عالية، لأنه ببساطة الباص مو حقهم، هو مجرد سائق بالأجرة.

الطرق كانت تحتاج عناية كبيرة جدًا، كنا نشوف باصات جديدة، والسنة اللي بعدها تكون شبه منتهية من صعوبة الخط والتضاريس.

غير الاشتباكات اللي كانت تصير… أذكر مرة وصلنا تبة المصارية في مأرب بعد نِهم، والطرفين كانوا يتقاتلوا حرفيًا، والرصاص يمر فوق الباص!

وفوق هذا كله، كثير من السواقين كانوا يحطوا خزانين كبار للبنزين بمكان العفش عشان يبيعوه باليمن، وكنا دايمًا نقول: "يا رب ما تجي رصاصة بالخزان، والله بيصير الباص شوربة!"

غير إرهاق السائقين، أذكر مرة وأنا جالس جنب السواق بعد ما طلعنا من الحدود السعودية، شفت باص لشركة ثانية يترنّح يمين يسار… طلع السائق نايم!

مرة ثانية تعطل فينا الباص في منطقة الجوبة الساعة ٢ بالليل، وما كنا نعرف المنطقة تبع مَن — الجماعة أو الشرعية — وجلسنا حوالي عشر ساعات. لكن أهل المنطقة فزعولنا ووفّروا لنا  سيارات هايلوكس إلى صنعاء، والنعم فيهم والله.

كل سفرة تقريبًا كنت أشوف سيارة محروقة أو منقلبة، خصوصًا في المنطقة بين الحدود اليمنية والعبر. وبعد ما رجعت السعودية في 2021  سمعت عن طريق صحراء الرويك في الجوف، وكمية السرقات وقطاعين الطرق اللي فيه، واللي خلّت الناس ما تمشي إلا جماعة ومعهم معدّي.

بدون مبالغة، كنت ما أبلغ أمي وأبوي إنّي طالع من اليمن إلا لما أوصل للحدود السعودية، لأني كنت دايمًا حاط ببالي إنه ممكن يصير شي، وما أوصل وما كنت أبغى أقلقهم.

كل وسائل الموت كانت متوفرة بهذا الخط، بدون مبالغة… بس ربنا كان دايمًا يسلم.

حادثة احتراق الباص للأسف ممكن تصير لأي واحد يعرف مشقة السفر برًّا عبر منفذ الوديعة. وما يستغربها .. 
رحم الله جميع من توفّي في هذا الحادث، وألهم ذويهم الصبر والسلوان.