علي محسن الاحمر يكشف تفاصيل هروبه من صنعاء لاول مرة

كريتر سكاي/خاص:

بمناسبة الذكرى الـ63 لثورة 26 سبتمبر المجيدة، خرج نائب الرئيس السابق الفريق علي محسن الأحمر عن صمته ليتحدث لأول مرة عن تفاصيل خروجه من العاصمة صنعاء عقب اجتياحها من قبل ميليشيا الحوثي في 21 سبتمبر 2014.


الأحمر أكد في رسالة مطولة أن سقوط صنعاء لم يكن بسبب ضعف الجيش أو قلة المقاتلين، وإنما نتيجة “التنازع والارتهان للخلافات السياسية والأنانية الشخصية”، مشيراً إلى أن آلاف الجنود والضباط المخلصين كانوا بانتظار قرار قيادي شجاع لم يصدر، ما أدى إلى تسليم الدولة “على طبق من ذهب” للحوثيين.


وأضاف أن الفرقة الأولى مدرع، التي وصفها بأنها “صمام أمان الدولة ودرع الجمهورية”، واجهت وحيدة الهجمة الحوثية الأخيرة قبل سقوطها، وهو ما اعتبره سقوطاً للعاصمة والدولة المركزية بأكملها.

 

وكشف الأحمر أنه وبعد فشل كل محاولات التلاحم بين القوى السياسية والعسكرية، اضطر إلى مغادرة دار الرئاسة فجر 22 سبتمبر 2014 على متن طائرة عسكرية متجهاً إلى المملكة العربية السعودية، التي وصفها بـ”الأرض الشقيقة وقيادتها النجيبة”.

 

واكد أن استعادة الدولة لا تزال هدفاً جامعاً لكل اليمنيين وأشقائهم، مستلهماً دروس ملحمة السبعين يوماً التي كسرت الإمامة في ستينيات القرن الماضي.


نص الرسالة:


بمناسبة الذكرى الـ63 لثورة الـ 26 من سبتمبر المجيدة 1962م، أزف إلى أبناء شعبنا اليمني الأبيّ في ربوع الوطن وخارجه أسمى آيات التهاني والتبريكات الخالدة بهذه المناسبة الوطنية التي حررت اليمنيين وفكرهم وتفكيرهم وسلوكهم من ضيق الإمامة وظلام الاستعباد، إلى فضاء الجمهورية وضياء الحرية.

 

وأخص بالتهنئة أبطال الجيش والأمن والمقاومة الشعبية، وكل الأبطال المرابطين في جبهات العزة والشرف على امتداد جغرافية يمننا الحبيب، الصامدين في مواجهة كهنوت الحوثي وأيديولوجيته الإمامية وعمالته الإيرانية الصفوية التخريبية.

 

إن الحديث عن هذه الذكرى العظيمة، والتهنئة بها، ليس مجرد حديثٍ عابرٍ نُسقط به واجباً سنوياً علينا، ولا مجرّد لحظة امتنان آنيّة نستذكرها لهذا الحدث الوطني الخالد ورجالاته الأماجد؛ ولكنه حديث متجدّد نابعٌ من القلب، يمنحنا فرصة الدراسة والتقييم لماضينا، والمعالجة والتخطيط لحاضرنا ومستقبلنا اليمني.

 

وعلى ذكر حدث الثورة المباركة وفرحة اليمنيين الغامرة بها، لا يمكن بأي حال من الأحوال التغاضي عمّا عاشته وتعيشه بلادنا طوال عقدٍ عصيب مضى، بدأ مع الانقلاب الحوثي الكهنوتي وتسليم العاصمة صنعاء له في 21 من سبتمبر 2014، في محاولةٍ لطمس ذكرى الثورة اليمنية المجيدة سبتمبر وأكتوبر، وتاريخها الساطع ومبادئها الراسخة.

 

ولأن التاريخ يُعيد نفسه، وفيه الدروس لمن يتفحّص ظواهره ويعتبر من دوران أحداثه، فإن ما جرى في سبتمبر 2014م إلى اليوم لا يختلف تماماً عن جولات عدّة وعراكٍ دائمٍ لليمنيين الأحرار في وجه محاولات غزو وتمدد الإمامة منذ مجيء الكاهن يحيى الرسي وحتى يومنا هذا.

 

فحوادث محاولات الإمامة والإماميين لاجتياح العاصمة صنعاء كثيرة ومتكررة عبر التاريخ، إلا أن المتغيّر الوحيد الحاسم في نجاح هذه المحاولات من عدمها هو مستوى تماسك ووحدة اليمنيين وترابطهم ضد هذا العدو الأزلي، ومدى قدرتهم على عدم التفريط ببعضهم البعض وبمكتسباتهم، وقدرتهم على تجاوز الخلافات البينية لأجل غاية الردع والصمود في وجه هذه الفئة الباغية.

 

فبعد قيام الثورة اليمنية المباركة وبزوغ فجر الـ 26 من سبتمبر المجيد 1962م، كانت أولى المحاولات الإمامية وأشرسها للسيطرة على العاصمة صنعاء واستعادتها إلى حضن الإمامة، تلك التي حدثت خلال عامي 1967م و1968م، فيما عُرف بـ “حصار الـ 70 يوماً”، والتي هُزمت فيها الإمامة شرّ هزيمة وولّت أدبارها، بتكاتف ووحدة اللحمة اليمنية؛ ليستمر الجهد والعمل السلالي واللوبي الإمامي المتربص في الإعداد للدورة التالية التي نُفّذت في العام 2014م، التاريخ القريب والمشهود لدى كل فئات الشعب اليمني.

 

ولقد شهدْتُّ بنفسي موقفين مُلهمين في الدفاع عن الجمهورية خلال العام 1968م لا يمكن أن يغيبان عن الذاكرة مهما تقادمت بنا السنين والأيام، ومرت بمسيرتنا تقلبات الزمن.

 

ففي ذروة التباين والاقتتال الذي حصل بين قوى الجمهورية في أحداث أغسطس المؤسفة، وفي وقتٍ لا تزال فلول الإمامة تتربص بالعاصمة صنعاء، رأت، بفعل هذا الخلاف، أن الفرصة مواتية لها للانقضاض على الجمهورية والعاصمة، فكان أن نفّذت هجومين متتاليين على قوات الجيش والمقاومة الشعبية، لكن المفاجئ في الأمر والصدمة التي شكّلت ضربةً للإمامة، هي أنه في حدّة المواجهات والاشتباكات بين خصوم أبطال السبعين، كانت تعود الاتصالات سريعاً بين الطرفين لوقف المعارك بينهما وإدارتها نحو القوات الإمامية ووضع الخطط للدفاع عن العاصمة، ونسيان المعركة والخلافات الشخصية التي حصلت بينهما في تجرد تام أمام أولوية الخصومه وكأن شيئاً لم يكن. وهذان الموقفان من المواقف العالقة في الذاكرة، والتي تُثبت أخلاق الكبار واختلاف الرجال، وعدم التفريط بمركز الدولة والجمهورية والمبادئ الكبرى والثوابت الوطنية مهما كان الجرح غائراً.


نؤكد أن رأس مال اليمن والجمهورية والوحدة هو في وحدة صف اليمنيين وفي نفوسهم الكبيرة التي تتعالى على الصغائر وعلى الأهواء، وتعمل على ردم الفجوات والخلافات لأجل أهداف سامية تتمثل في الحفاظ على المكتسبات الوطنية الغالية.


ونؤكد حقيقةً مؤكدةً أيضاً، أن المعايير المادية والعسكرية أبداً ما كانت هي الفيصل أو العامل الرئيسي في النصر، والمحاولتان الإماميتان لإسقاط العاصمة صنعاء أبرزُ دليلٍ على هذه الحقيقة الثابتة.


لقد كسر أبطال السبعين بترفعهم عن الصغائر وبعزيمتهم وإرادتهم الصلبة، من جيش وأمن وطلاب وعمال ومقاومة شعبية لا تتعدى جميعها أربعة آلاف فدائي ومقاتل جمهوري يفتقدون لأي منفذ للدعم والتعزيز، كسروا جيشاً جراراً من عشرات الألوف من المرتزقة والمجندين الإماميين المزوّدين بأحدث العتاد والأسلحة.


على النقيض من ذلك تماماً، في العام 2014م، إذ كانت الميليشيا الحوثية الإمامية لا تتعدّى بضعة ألوف، في حين تتكدس داخل العاصمة المعسكرات والوحدات ومقرات الأمن، وبعشرات الألوف من الضباط والجنود الصادقين المخلصين، الأشاوس الذين لم يفقدوا البوصلة الوطنية يوماً ما، وإنما انتظروا وافتقدوا لوحدة الكلمة وللقرار القيادي الشجاع الذي ضاع في يومٍ مفصلي من مسيرتهم العسكرية ومن تاريخ اليمن الحديث.


لقد كان للتنافس اللامبدأي واللامنطقي وللرغبات الشخصية وقصْر النظر دورٌ في إسقاط الأهداف الكبرى أمام حثالة لا تعد بقوة، فسُلّمت الدولة على طبق من ذهب لهذه الفئة التي شرب الناس إلى اليوم كأس المنون على يدها.


وقَفَت وحداتٌ رمزية متبقية من الفرقة الأولى مدرع وحدها مع مجموعة من المتطوعين الصادقين في مواجهة الجولة والهجمة الإمامية الأخيرة، وسط حملات واستهداف من مختلف الأطراف والجهات. وعُدّ تاريخ سقوط الفرقة في الـ 21 من سبتمبر 2014م سقوطاً لعاصمة اليمن ودولته المركزيّة، ويوم نكبةٍ حلّت على الوطن وشعبه. ذلك أن الفرقة المدرعة الأولى ظلت طوال دهرها صمام أمان للوطن بأسره، وحارساً أميناً لهيكل الدولة، وعموداً للمؤسسة العسكرية، ودرعاً وحصناً للجمهورية، لم تهادن يوماً قوى الإمامة ولم تفرّط في أيٍ من مكاسب الجمهورية، وقبل سقوطها كانت أخلاق السياسة وأساليب ممارساتها بين الخصوم السياسيين هي الأكثر سقوطاً وتهاوياً.


في ذلك الوقت الحرج بذلنا جهداً صادقاً ومخلصاً حتى آخر لحظةٍ من أمل، في محاولة منا لعودة التلاحم والتنسيق بين أصحاب القرار والقوى الحية والمؤثرة، تأسّياً بأبطال السبعين يوماً، بهدف إدراك ما فات. وظللنا باستعدادنا العسكري وهيئتنا وجاهزيتنا الكاملة من أجل العودة، إلا أن المهادنة من قبل الجميع كانت هي الرغبة السائدة، ففضلوا الارتهان لسرابٍ من الوعود والأوهام، وانجرّوا لاتفاق شكلي مع عدوٍ متربص كاذبٍ لا يرقب في يمنيٍ إلّاً ولا ذمة.


وحين انقطعت كل الآمال، وتبددت خيارات توحيد الجهود، كان أن اتخذنا قرار انحيازنا إلى فئة، وغادرنا مهبط دار الرئاسة على متن طائرة عسكرية (كما في الصورة أدناه) صبيحة الـ22 من سبتمبر 2014م، انحيازاً إلى فئة وإلى جار شقيق، إلى أرض الحرمين الشريفين المملكة العربية السعودية الشقيقة وقيادتها النجيبة ورجالها الأوفياء، ليبقى هدف التحرير واستعادة الدولة همّاً كان ولا يزال وسيظل يحمله كل أبناء اليمن بين جنباتهم، بالتحامهم وتناسيهم للتباينات الطفيفة، مستلهمين دروس ملحمة السبعين يوماً، ويحمل هذا الهمَّ معهم أشقاءهم الأوفياء، حتى تحقيق النصر وعودة يمنُ الحكمة والإيمان، يمناً جمهورياً، نابذاً “ولاية الفقيه” وطارداً مشروع الخراب الفارسي وأدواته الطائفية والسلالية والعنصرية المقيتة.


فاللهم هيئ للصف الجمهوري توجهاً وصدقاً كصدق أبطال السبعين، وتلاحماً كتلاحم أبطال الثورة اليمنية المباركة.


المجد لثوار سبتمبر وأكتوبر، والخلود لشهداء الثورة والجمهورية والنصر لليمن.


وكل عامٍ وأنتم والوطن بخير،،