من اوجاع عدن نحكي لكم

الساعة الثانية عشرة منتصف الليل على رصيف أحد الشوارع المسمى بشارع (تونس) ،بين أصنامٍ بشرية وسيارات لا تتنفس كأنها تأخذ قسطا من الراحه بعد يوم مضني وسط الزحام وطوابير المحطات ! 
الجو حارٌ جداً' والرياح التي لا تعرفها عدن تتخلل من بينيات المباني الهشه الآيلة للإنهيار ؛كونها فاقت العمر الإفتراضي لمادتها الإسمنتية .  
الفأر المرح يتجول في كل أنحاء الشارع- فالقطط منقرضه هنا - متنقلاً بين أكوام القمامة كومةً كومة؛يبحث عن بقايا أطعمة لا أراه يحرك فمه لان الجوع والفقر المستشري يجعل من الفقراء أول فئران تسد جوعها من بقايا قمامات الاروستقراطيين في الشارع لا تذهبوا بعيدا بمخيلتكم فالأروستقراطي هنا من لديه القدره على توفير طعامه وأسرته .
صوت دينمات المياه الصاخب أصبح سيمفونية الليل هنا لا صوت فوق أصواتها تعمل بتوقيت واحد ؛لأن الماء لا يزور المدينة العطشانة أهلها إلا ساعتين بعد منتصف الليل .
أتنفس الآن بصعوبه من رائحة المجاري الطافحه والماء الراكد من المطر الأخير .والبعوض يأتي إلينا بعد أخذه حمام سباحة هناك ليتغذي على ماتبقى من دمائنا ويهدينا باقة من الأمراض حسب اختياره .
شكراً لعمود الكهرباء الواقف أمامي المثقل بمئات الأسلاك الكهربائيه  العشوائيةوالكابلات  وإسلاك الهاتف وشبكات الانترنت المتعدده .صوت انفجار واشتعال أحد الأسلاك يثير الرعب ووميضه يكاد يجعل ليل الشارع نهار .
حان الوقت الان لتنام الكهرباء وتخرس دينمات المياه وتنطفئء الانوار ويبدأ ضجيج البعوض المحتفل .