اخبار محلية
الكشف عن حقيقة بيع دعوات زواج اولاد الرئيس صالح ب١٠ الف دولار
كتب/فتحي أبو النصر
فجأة خرج علينا الصحفي خالد الحمادي، ذات مساء في ديترويت، بقصة أقل ما يُقال عنها إنها ضرب من خيال خصومي مغموس في قهوة باردة من الحسد والتنظير المؤدلج.
يحدث ذلك في زمن تتشظى فيه الحقائق وتتماهى فيه الأكاذيب مع الأدب السياسي الرديء.
إذ كتب متأملا، أو متفاجئا، أو متكلفا الدهشة: أن جاليةً يمنيةً كاملةً قد نزحت من ديترويت ونيويورك إلى قاهرة المعز، لا لشيء إلا لحضور "عرس عيال عفاش".
ثم صعد الحمادي خطابه ليزعم أن الدعوات كانت تُباع بمبالغ تصل إلى عشرة آلاف دولار، وأن بعضها كان مزورا، وأن المصريين، حماهم الله، اكتشفوا هذا التزوير عند الجوازات!
ترى ما هذا؟ هل نحن أمام "عرس المومياء الذهبية"، أم فيلم أكشن بنسخة رديئة من "المهمة المستحيلة"؟
تذكرة، وإقامة، وبَبْس، وشاي، وسيارة أجرة، وربما "جزمات" وخياط خاص مع عطر دبلوماسي. كل ذلك في مظروف دعوة؟!
..ليتنا نُزوّر بطاقة عرس واحدة ونحل أزمة الدولار.
حقيقة لا ينكر عاقل أن لعائلة الرئيس الراحل حضورا تاريخيا وثقلا اجتماعيا، وأن هناك من يكن لهم الود، ومن لا يزال يحتفظ بذكرى وطن كان موحداً ولو على إيقاع الفرد.
ولكن تحويل مناسبة اجتماعية إلى مؤامرة دولية من إنتاج مطابخ الإخوان، وتمرير ذلك في قالب "الدهشة الصحفية"، ليس إلا تعبيرا عن فقر خيال سياسي، وانعدام التوازن الأخلاقي.
على إن أخطر ما في كلام الحمادي ليس الكذب الفج، بل الإلحاح على صياغة واقع مشوّه من أجل تصفية حسابات أيديولوجية بائسة.
طبعا هو لا يتحدث عن واقع، بل عن رغبة: رغبة في شيطنة كل ما تبقى من خصومه، حتى وإن كان في ثوب عرس.
أما عن الذين حضروا، فهم يمنيون أحرار، ذهبوا بمالهم أو بدعوة، وأكلوا "الكنافة"، ورقصوا للفرح، ولم ينتخبوا أحدا، ولم يقلبوا نظاما، ولم يكتبوا دستورا جديدا.
كذلك الذين لم يُدعَوا هم أيضاً يمنيون، ربما لم يحالفهم الحظ أو لم يكن ثمة داع لدعوتهم.
تلك أمور اجتماعية، لا تُدار بمنطق "مناضلي الفنادق" الذين يرون في كل عرس نذير سقوط قادم لنظامهم الفكري.
أما التزوير؟ فلعله في المقال لا في الدعوات. وما قيمة الصحافة إن لم تكن تُفرق بين التحقيق والتهييج؟ بين السرد والحسد؟ بين القول والمقال؟
والحق يقال، خالد الحمادي حرٌ في رأيه، ونحن أحرار في الضحك.
لكن الحقيقة، مهما تأخرت، تصل من داخل الذين حضروا العرس وإن بعد حين.!
بل يا للهول.
صدقوني ظننتُ أن حسابه مخترق، تمنّيتُ أن يكون ذلك العطب مؤقتا في روحه أو وعيه.
لكن لا. خالد الذي احترمناه سقط، لا لأنه أخطأ، بل لأنه كذب بثقة تامة.
لكن الحزن لا يكمن في كذبه، بل في أن الجميع يعرف ويستغرب، وهو وحده لا يرى نفسه عاريا من الحقيقة.